الحاج محماد لمرابطين (السكليس)
آن لهذا الفارس أن يترجل عن صهوة الحياة
عندما انتقل إلى رحمة الله المناضل، المرابطين لم يصدق أحد أن هذا الرمز الشامخ والذي لم تنل منه كل المحن والمعتقلات والتعذيب والأمراض ،سيغيب عنا بتلك الصورة.ولأنني ممن فقدوا فيه أبا وصديقا ورفيقا، فلازلت لم أصدق أنه فعلا رحل، ولازلت أنتظر زيارته ليخبرني بالذهاب إلى تجمع خطابي أو مهرجان سياسي كما كان يفعل دائما.ولكنها الحقيقة التي لا مفر منها رحل "السكليس" الذي صنع من تاريخه رمزا للنضال والإنسانية. لم يسلم منه ومن نضاله كل من عمل على تعطيل عجلة المغرب نحو التنمية والديمقراطية ،ولم يسلم هو من كرم الضيافة اياها في معاقل البوليس السري ومعتقلات التعذيب ،والمحاكمات الصورية.الحاج محماد لمرابطين من الرجال القلائل الذين لم ينطلقوا في النضال عفويا، فقد كان رحمه من الرعيل الأول المؤسس للإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، ومن المؤسسين للخلايا الثورية التي تزعمها المناضل شيخ العرب. وقد كانت خلية اسفي تظم بالإضافة للحاج كل من "شكار" و"الحاج محمد الشعبي" ،أطال الله عمرهما. وقد عانوا جميعا من كل ظروف التعذيب والاعتقال.
ساهم المرحوم أيضا في تأسيس الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ،والنقابة الوطنية للتجار، والكونفدرالية الديموقراطية للشغل ثمحزب المؤتمر بعد ذلك. أنتخب عضوا في عدة هيئات سياسية وشعبية، وتحمل مسؤولية عضو المجلس الجماعي اسفي الزاوية.
وحتى والراحل يعاني المرض، لم يستسلم لقدره وضل وفيا لحضور كل الأنشطة الحزبية والنضالية. وأتذكر أن السيد "أحمد بن جلون" في لقاء جماهيري بالبيضاء، في ذكرى استشهاد المناضل "عمر بن جلون " استخدم عبارة {...منهم من قضى ومنهم من لازال ينتظر...}.التفت نحو "الحاج محماد " فقلت له{فاول عليك ألحاج } .فضحك رحمه الله وقال لي: {ماذا نقول لأخ عمر؟}.وكأنه كان يعلم ما لا نعلم.
كان المرحوم أبا لجميع أبناء المناضلين. لم يبخل يوما بإمكانياته على أحد، ولم يستفد أي استفادة شخصية من وراء تاريخه هذا ،ولا من المهام التي تقلدها.
غادرنا "السكليس" الذي رفض أن يكون "سكليسا" فقط ، واختار مسارا أخر مشرفا لنا جميعا. لقد ناب عن أجيال في كلمة حق. وباسمهم نقول: أن التاريخ ليس بجاحد. رحم الله "الحاج محماد لمرابطين" المناضل الصلب والإنسان الخلوق.
نور الدين ميفراني