BIEN VENU
"LES-SAFIOTS" VOUS INVITE SUR SES PAGES.ENVOYEZ VOS PARTICIPATIONS EN ARABE OU EN FRANCAIS à L'ADRESSE SUIVANTE : les-safiots@hotmail.fr
المحكمة الابتدائية باسفي تنظم ندوة حول موضوع الخبرة
نظمت المحكمة الابتدائية بمدينة اسفي بشراكة مع نقابة هيئة المحامين بالمدينة يوم 31 مارس 20115 ندوة حول موضوع "الخبرة في قانون المسطرة المدنية ومدونة الأسرة".
بعد افتتاح الجلسة بآيات من الذكر الحكيم ، قدم كل من السيد رئيس المحكمة الابتدائية و السيد وكيل الملك بها و السيد نقيب هيئة المحامين باسفي كلمات افتتاحية ،صبت جميعها في موضوع الخبرة والتطور الذي وصلت إليه بتطور العلوم ،ودورها في مساعدة القضاء على تحقيق العدالة.
و تفضل الأستاذ "إبراهيم بنتزرت" رئيس المحكمة الابتدائية بإعطاء ملخص حول تاريخ العلاقة بين الخبرة و القضاء، والتي ابتدأت منذ زمن بعيد عندما كان القاضي يستشير "أمناء الحرف" الذين يعتبرون ذلك تشريفا لهم .
ثم توالت المداخلات كالتالي :
وتناول الأساتذة بالتحليل الدور الهام الذي يلعبه الخبير في تنوير العدالة، وبالتالي يجب اللجوء لذوي التجربة الطويلة و الكفاءة المهنية.
وأشاروا إلى القيمة المضافة التي قدمها التطور العلمي للقضاء ، خاصة في قضايا ثبوت النسب ، وعلى رأسها الحمض النووي .
كما تطرقت المداخلات إلى الاختلاف حول وسائل الإثبات في قضايا ثبوت النسب بين المؤيدين للوسائل العلمية الحديثة و المتحفظين تجاهها، مما يطرح مرة أخرى إشكالية الحسم في المرجعية القانونية المغربية .
فيما انتقدت إحدى المداخلات النص القانوني – خاصة المادة 153 من مدونة الأسرة - لأنه سكت عن كل المستجدات الناتجة عن التطور العلمي و المتعلقة بالأنساب، كأطفال الأنابيب واستئجار الأرحام ، فلا يستبعد أن يجد القضاء المغربي نفسه أمام إحدى تلك الحالات خصوصا مع المغاربة المقيمين في الخارج.
أما الخبير القضائي فقد تناول موضوع نزاهة ومصداقية الخبير ، و القيم الأخلاقية وكذا النصوص القانونية التي تؤطر المهنة ،وتعرض الخبير للمحاسبة في حالة ثبوت ارتشائه أو إقدامه على التزوير لصالح طرف دون آخر.
وتوجت الندوة بأسئلة الحضور وتدخلاتهم ،واغلبهم من الفاعلين في المجال القانوني ، حيث القوا الضوء على الشق العملي من الموضوع ، وابرز العقبات التي تعترضهم عندما يتعلق الأمر بملفات تقتضي إجراء خبرة .
من وداد الرنامي
نظمت المحكمة الابتدائية بمدينة اسفي بشراكة مع نقابة هيئة المحامين بالمدينة يوم 31 مارس 20115 ندوة حول موضوع "الخبرة في قانون المسطرة المدنية ومدونة الأسرة".
بعد افتتاح الجلسة بآيات من الذكر الحكيم ، قدم كل من السيد رئيس المحكمة الابتدائية و السيد وكيل الملك بها و السيد نقيب هيئة المحامين باسفي كلمات افتتاحية ،صبت جميعها في موضوع الخبرة والتطور الذي وصلت إليه بتطور العلوم ،ودورها في مساعدة القضاء على تحقيق العدالة.
و تفضل الأستاذ "إبراهيم بنتزرت" رئيس المحكمة الابتدائية بإعطاء ملخص حول تاريخ العلاقة بين الخبرة و القضاء، والتي ابتدأت منذ زمن بعيد عندما كان القاضي يستشير "أمناء الحرف" الذين يعتبرون ذلك تشريفا لهم .
ثم توالت المداخلات كالتالي :
وتناول الأساتذة بالتحليل الدور الهام الذي يلعبه الخبير في تنوير العدالة، وبالتالي يجب اللجوء لذوي التجربة الطويلة و الكفاءة المهنية.
وأشاروا إلى القيمة المضافة التي قدمها التطور العلمي للقضاء ، خاصة في قضايا ثبوت النسب ، وعلى رأسها الحمض النووي .
كما تطرقت المداخلات إلى الاختلاف حول وسائل الإثبات في قضايا ثبوت النسب بين المؤيدين للوسائل العلمية الحديثة و المتحفظين تجاهها، مما يطرح مرة أخرى إشكالية الحسم في المرجعية القانونية المغربية .
فيما انتقدت إحدى المداخلات النص القانوني – خاصة المادة 153 من مدونة الأسرة - لأنه سكت عن كل المستجدات الناتجة عن التطور العلمي و المتعلقة بالأنساب، كأطفال الأنابيب واستئجار الأرحام ، فلا يستبعد أن يجد القضاء المغربي نفسه أمام إحدى تلك الحالات خصوصا مع المغاربة المقيمين في الخارج.
أما الخبير القضائي فقد تناول موضوع نزاهة ومصداقية الخبير ، و القيم الأخلاقية وكذا النصوص القانونية التي تؤطر المهنة ،وتعرض الخبير للمحاسبة في حالة ثبوت ارتشائه أو إقدامه على التزوير لصالح طرف دون آخر.
وتوجت الندوة بأسئلة الحضور وتدخلاتهم ،واغلبهم من الفاعلين في المجال القانوني ، حيث القوا الضوء على الشق العملي من الموضوع ، وابرز العقبات التي تعترضهم عندما يتعلق الأمر بملفات تقتضي إجراء خبرة .
وداد الرنامي
"ما طال بلح الشام ولا عنب اليمن"
مثل أشبه بالنبوءة. قيل فيمن تتغيرأمامه الأولويات، وتختلط عنده الحسابات. فيحسب أن شهرة الشام ببلحها، وشهرة اليمن بعنبه. ولعل المثل قيل في أعرابي من الحجاز، كان يبحث عن الرزق في وقت عسرة وضيق، وكان قد استعد للذهاب إلى اليمن للحاق بموسم العنب هناك. لكنه صادف في طريقه أحد معارفه الذي كان عائدا لتوه من الشام فذكر له، عن بلح في الشام حان قطافه، واستحلى مذاقه. وقيل إن الأعرابي غيّر طريقه قاصدا الشام للحاق بموسم البلح.
وحسب الراوي فإن الرجل عندما اقترب من أرض الشام، قابل أعرابا عائدين، فاستفسر منهم عن حال بلح الشام، فاستنكروا سؤاله، لأن موسم البلح لم يكن قد حل بعد، وذكَّروه بأن موسمه في الشام يتزامن مع موسمه في الحجاز. وقال الرواة إن الأعرابي، طفق راجعا، ليلحق بموسم العنب في اليمن، لكنه لم يصل إلى هناك إلا بعد انتهاء الموسم ليكون مثلا "لمن يتردد بين أمرين، أو الذي يتروى أكثر من اللازم، ولا يحسب العواقب كما يجب.
وبغض النظر عن دقة القصة وتفاصيلها، فإنها تختصر عند استعادتها اليوم، دلالات كثيرة لتوصيف الأحوال، والأوضاع التي تمر بها المنطقة، وتبقى عبرة تنبه لما يتهدد حاضرها من مخاطر، ومستقبلها من احتمالات.
فعند اندلاع الأزمة السورية، وجد البعض في هذه الأزمة، فرصة لتقليم الأظافر الإيرانية، التي كانت قد نشبت في العراق، وطالت من سوريا إلى لبنان. كان الظن أن الأزمة لن تطول، وأن "الخريف العربي" لن يكون أرحم بالنظام السوري، من الأنظمة التي أسقطتها رياح الخريف.
لكن ما اعتبرناه نزهة، أصبح متاهة، والأزمة التي كانت حصرا في نظام جائر تحولت مع الوقت، إلى أزمات تهدد الإقليم برمته، وما كنا نعتبره مخرجا يجنب المنطقة طموحات إيران المتحفزة للتوسع والتمدد، أصبح مستنقعا تتكاثر فيه الأجندات، وتتقاطع فيه المصالح. وبدلا من أن تترك إيران تغرق لوحدها في المستنقع، غرق الجميع من حولها، فيما أُعطيت هي حبل نجاة مكنها من التمدد لا في سوريا فقط، بل على امتداد الإقليم، كما فتح أمامها نافذة مناورة تعيدها إلى المسرح الدولي لاعبا مطلوبا، بعد أن كانت طرفا معزولا.
لم يفطن أحد، إلى أن المجموعات الجهادية المتطرفة التي كان الجميع يتسابق في إرسالها حيناً، أو دعمها أحيانا، ويسكت عن تسريبها ظنا منه، بأنها تستنزف إيران وحلفاءها، سترتد سلاحا فتاكا يشوه صورتنا إلى هذا الحد، ويشل حركتنا إلى هذه الدرجة.
بفعل الآثام والفضائع التي ارتكبت باسم المعارضة أو الدين، لم يعد بمقدور أحد توفير مظلة حماية، أو حزمة رعاية، بعد أن بات من الصعب الفصل بين من هو المتطرف والإرهابي الذي تجب محاربته، ومن هو المعارض والمظلوم، الذي يستحق الدعم والمساعدة.
خلط الأوراق هذا، أفاد إيران وقدمها كشريك ناضج للمجتمع الدولي في محاربة الإرهاب والتصدى للتطرف. ولم تكتف إيران بهذه الشهادة، التي كانت تحتاجها للخروج من عزلتها، بل عمدت إلى استثمارها في محادثاتها النووية لتتحول من محادثات سمتها الضغط والإملاء، إلى طريق، باتجاهين، سمته العناد والتكافوء، لا تحصد فيه إيران إلا ما تزرع، ولا تدفع منه إلا كما تقبض.
وفيما كان الجميع منصرفا لما يحدث في سوريا والعراق، وفيما خطر التطرف يقترب من الدول المحاددة لهما، كان السيناريو الإيراني في اليمن ينفذ بالتدريج على مرأى ومسمع الجميع. والحوثيون الذين كانوا رقما هامشيا في المعادلة السياسية الداخلية، تحولوا إلى رقم صعب في معادلة الإقليم، وُوضع اللاعبون الإقليميون والدوليون أمام خيارين أحلاهما مر، إما التصدي للحركة الحوثية الموالية لطهران، وهو ما يعني حكما، تحالفا مستحيلا، مع قوى إسلامية متطرفة ترتبط بالقاعدة، أو المراهنة على قوى سياسية وقبلية، فاقدة للحيلة، أو منزوعة الدسم العسكري.
وقد ظهرت ملامح هذا الخيار الصعب عندما انتقل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى عدن، ليتبين أن الشرعية السياسية التي يتمتع بها الرئيس، غير قادرة على مقارعة القوة العسكرية التي يتمتع بها خصومه، وليصبح اليمن في ظل هذه المعادلة الصعبة جرحا جديدا في دائرة مواجهة تتسع باستمرار، ضمن دوامة يستحيل فيها الحصول على شئ من بلح الشام، فيما يبدو عنب اليمن صعب المنال.
تاج الدين عبد الحق - ئيس تحرير شبكة ارم الاخبارية -
رئيس شبكة ارم الاخبارية
الرحمة لسايكس والغفران لبيكو
**تاج الدين عبد الحق
قد يحتاج تعبير "اللبينة" إلى وقت أطول حتى يكون استعماله مألوفا ومستساغا، كحال تعبير الصوملة، أو اللبننة، الذي درج على الألسن، ودخل القاموس السياسي، ليشيع استعماله كوصف مختصر لكل أشكال التقسيم القسري، أو كتعبير عن حالات الفشل التي تصاب بها الدول نتيجة الحروب والنزاعات الأهلية.
ومن هذا الباب فإن ليبيا اليوم، ليست بعيدة عن الحالة اللبنانية أو الصومالية، وقد يختصر البعض المعاناة من صعوبة اللفظ، فيستعير تعبير اللبننة أو الصوملة لوصف الحالة الليبية ليقال بعد ذلك صوملة ليبيا، أو لبننتها، كما في حالات عربية مماثلة أخرى استعصت فيها اللغة، فقيل لبننة العراق وصوملة اليمن وصوملة أو لبننة سوريا.
ويبدو أننا كعرب ماضون على هذا الدرب، فإذا صدقت التقارير المتواترة عن خريطة جديدة للعالم العربي، فإننا أمام رحلة طويلة مع هذه التعابير التي نجحنا في ابتكارها، وتوظيفها، لتوصيف حالات سياسية، تتشكل ملامحها على أرض الواقع حاليا، أو تلوح مخاطرها في الأفق مستقبلا.
ويخطئ من يظن أنه بعيد عن خطر التقسيم، ومشرط التفتيت. ومن تخونه ذاكرته عليه أن يستعيد ما كنا عليه في بداية النصف الثاني، من القرن الماضي، حين كان الحديث عن الدولة القطرية، نوعا من الكفر، والدفاع عنها شكلا من أشكال العمالة للاستعمار.
وكان الناس ينظرون للدولة القطرية على أنها مرحلة انتقالية، لمرحلة تتحقق فيها الوحدة الشاملة، من المحيط إلى الخليج.
هكذا كانت أحلامنا، وبسبب حلم الوحدة ذاك، صودرت أحلام الحرية. ومقومات الحياة الكريمة، فكانت الوحدة القومية، كشعار في كثير من الدول العربية أسبق على ما عداها من أولويات، وشعارات.
كل هذا يتغير اليوم. الدولة القطرية لم تعد مسبة، والمحافظة عليها، وتكريسها والدفاع عن حدودها، لم يعد يثير استهجان، أو استنكار حتى أولئك الذين كان شعار الوحدة القومية، عنوانا لوجودهم، وسببا لتسلطهم، ومبررا لمصادرتهم الحريات والكرامات، قبل أن يصادروا ويهدروا الموارد والقدرات.
المفارقة أن الدولة القطرية ، نشأت وترعرعت وتكرست في ظل مناخ سيطرت عليه فكرة القومية العربية، بل إن دولا نبتت من منبت فكري وحزبي واحد ، لم تستطع تجاوز الخلافات والأطماع الشخصية بين قيادتيها، لتؤكد أن تقسيم العالم العربي لم يكن فقط، نتيجة المؤامرة الدولية، التي تحمل وزرها وزيرا ذلك الزمان البريطاني "سايكس" والفرنسي "بيكو" فقط، بل إنها كانت كذلك تعبيراً عن حالة مراهقة سياسية، وأطماع شخصية، مكنت تلك المؤامرة من أن تتحول إلى واقع نترحم الآن، على من رسم خرائطه، ونستغفر لمن وضع أسسه، ونجاهد بكل طاقتنا، للمحافظة عليه، وحمايته مما هو أعظم.
المفارقة أيضا أن التقسيم الذي يتهدد العالم العربي الآن، هو تهديد بشعارات ورايات إسلامية كان من المفترض أن تكون أوسع ظلا، وأكثر شمولا من الراية القومية.
فبنفس روح المراهقة الحزبية والأطماع الشخصية التي ميزت فترة ما سمي بالمد القومي، وتحت شعارات "التكفير ومحاربة البدع والتصدي للأنظمة الظالمة المرتدة"، تتم في ظل جماعات التكفير والإرهاب ومن يرعاهم ويمولهم، ويغذي آلتهم الجهنمية، عمليات فرز واسعة، وتقسيم لا ينتهي.
فمن تقسيم على أساس الدين، إلى تقسيم على أساس المذهب، والطائفة، إلى تقسيم على أساس الاختلاف، في الأسلوب والاجتهاد حتى بين أبناء المذهب الواحد والطائفة الواحدة.
وهذا النوع من الفرز لا يقبل الحلول الوسط ولا الصيغ التوفيقية، إذ أنه يقوم ابتداء على نفي الآخر، واستئصاله كوجود مادي قبل الوجود الفكري.
وبدلا من أن يكون الإسلام إطارا جامعا، يصبح في ظل التباين الشديد بين الفرق والقوى التي تتحرك باسمه، مصدرا للتجزئة والتفتيت الذي لا يقف عند حد ولا يضبطه أي ضابط. ولنا فيما يحدث في سوريا والعراق وما يحدث في ليبيا الآن أمثلة حية على ذلك.
وكما في فترة المد القومي الذي أنتج الدولة القطرية، هناك من يرى في السيناريو الجديد ترجمة لمؤامرة دولية، ليس لنا فيها من دور إلى التنفيذ. فالأنباء والتقارير تتواتر على أن المليشيات الإرهابية المسلحة التي تستبيح أرضنا ودمنا هي من صنع أعدائنا، وترجمة لمخططاتهم وكأننا أمة مسلوبة الإرادة، لا نملك سوى الاستسلام لقدرنا الذي تتحكم فيه مجموعة من الأشرار، متغاضين عن حقيقة أنهم حتى لو كانوا أدوات في يد أعدائنا، فإنهم في الأصل وفي المآل، من صنعنا نحن، وماركة مسجلة باسمنا، لا نستطيع التبرؤ منها، أو إنكارها، إلا إذا أغلقنا كل مراكز تصنيعها، وترويجها، بالضبة والمفتاح.
**رئيس تحرير شبكة إرم الاخبارية
**تاج الدين عبد الحق
تنظر القوى السياسية اليمنية، بحديها المتعارضين، إلى دول الخليج كخصم، وحكم في آن.
فالحوثيون الذين استولوا على السلطة تدريجيا، تحت سمع وبصر دول التعاون، يعلمون أن دول المجلس لا تستوعب ولا تهضم وجودهم على رأس السلطة. وهم يعلمون في المقلب الآخر، أن احتفاظهم بالسلطة مهما كابروا، لا يمكن أن يستمر في ظل معارضة دول المجلس لإنقلابهم، على الشرعية، ورفضهم له.
أما القوى التي تنازع الحوثيين السلطة، و ترفض استئثارهم بها، فهي إما قوى غير قادرة ومبعثرة، أو قادرة لكنها لا تملك غطاءً إقليميا أو دوليا كالذي يملكه خصومهم.
ويبدو أن دول الخليج لاتملك خيارات كثيرة. فهي غير مستعدة لقبول الحوثيين باعتبارهم أمرا واقعا لايمكن تجاوزه، وهي غير مهيأة لفتح قنوات اتصال مع القوى الإسلامية المتطرفة البديلة، التي تملك الإرادة والقدرة على التصدي للتغول الحوثي.
والواضح أن سحب السفراء الخليجيين من صنعاء يعكس ارتباكا، أكثر مما يعطي حلا.
فدول الخليج التي تعد أكثر المتأثرين بالأوضاع المتدهورة سياسيا واجتماعيا في اليمن، أنتظرت شهورا وهي ترقب إنهيار الشرعية اليمنية، خطوة خطوة، على يد الحوثيين. وبدت هذه الدول بلا حيلة في تعاملها مع الأزمة، رغم اتضاح أهداف وغايات من سببوها، ورغم التطور الميداني المتسارع في تحقيق تلك الأهداف.
وفي موازاة ذلك، فإن دول الخليج، لم يكن أمامها قوى بديلة يمكن التحالف معها لمواجهة الحوثيين. وما كان يمكن لها أن تفتح قنوات اتصال، مع خصومهم الأقوياء من التنظيمات الإسلامية اليمنية المتطرفة، لأنها كانت تحارب في ذلك الوقت النسخة الداعشية، لتلك التنظيمات في العراق وسوريا.
وحتى لو كان هناك مجال لممارسة هذه الأزدواجية، فإن دول التعاون جربت امكانيات احتواء تلك التنظيمات وفكرة إعادة تأهيلها من خلال عمليات إرشاد ومناصحة، إلا أن تلك المحاولات فشلت، وظلت التنظيمات المتطرفة وخاصة اليمنية منها، مصدر تهديد خطير لأمن دول الإقليم، وظل سلوكها في الداخل اليمني، وعبر العالم مبعث شكوك، ومصدر استفزاز.
وبين حوار غير ممكن مع الحوثيين، واتفاق مستحيل مع تنظيمات لا تخفي انتماءها للقاعدة، ولا تتنازل عنه، حتى مقابل دعم خليجي في مواجهة المد الحوثي، لا تجد دول التعاون من محاور إلا الأغلبية الصامتة الممثلة بالعشائر اليمنية والقوى الليبرالية المستنيرة.
هذه القوى بالرغم من أنها تمثل شريحة كبيرة من الشعب اليمني، إلا أنها غير فاعلة، إلا إذا وجدت رافعة سياسية قادرة. وحتى الآن لا توجد مثل هذه الرافعة، خاصة وأن معظم القوى التي انخرطت في العمل السياسي بدافع التغيير والتطوير، وجدت نفسها قد أصبحت سيفا بيد القوى السياسية المهيمنة، سواء مثلت تلك القوى الحركة الحوثية، أو التنظيمات الإسلامية،التي تملك أجندات حزبية لا تتضمن مطالب التغيير التي رفعتها الأغلبية ولا تعكس هواجسهم وهمومهم.
انسحاب سفراء مجلس التعاون من اليمن، هو مرحلة لالتقاط أنفاس الوسيط الخليجي من جهود لا تثمر، ومراوحة لا تنتهي، ولا تصل إلى أي نتائج حاسمة، وهي مرحلة ضاغطة، لا على الأطراف اليمنية المتصارعة فقط، بل على دول التعاون أيضا.
فالحوثيون الذين وصلوا للسلطة سيجدون أنفسهم أمام استحقاقات حياتية لا قبل لهم بتلبيتها، وهم يعلمون أن سلة الغذاء والدواء اليمنية في يد الجار الخليجي، الذي لن يكون مستعدا لمقاسمة الحوثيين هذه السلة إلا بمقابل سياسي كبير قد يطيح بآمال الهيمنة الحوثية، ويخلط أوراق القوى الخارجية التي ساندتهم.
وعلى خلاف ما يظن البعض فإن الحوثيين غير قادرين على استبدال المعونة الخليجية بمعونة إيرانية، إما لأن إيران غير قادرة على تقديم دعم بمستوى الدعم الخليجي، وإما لأن هذا الدعم سيؤكد المؤكد، وهو أن الحوثيين ينفذون أجندة سياسية خارجية ويتحركون في ظل شعارات طائفية، وعندها يصبح مشروعهم في اليمن محل شك وغير قابل للتسويق على المديين المتوسط والبعيد.
في مقابل ذلك فإن دول الخليج بسحب سفرائها من اليمن، توجه رسالة للأغلبية الصامتة والقوى القبلية، لتلعب دورا وازنا في المشهد اليمني. وهذه الرسالة ستكون عنصر تشجيع ودعم لقوى مترددة ضاعت بين مطرقة الاستئثار الطائفي المتمثل بالحوثيين، وبين سندان التطرف المتمثل بتنظيم القاعدة الذي يشوه قوى المعارضة في مواجهة المد الحوثي.
دول الخليج التي كانت اللاعب الأول في الساحة اليمنية، باتت بعد سحب السفراء ترقب المشهد من بعيد، وهي تتحين الفرصة للعودة إلى هناك عندما تتعب الأطراف المتقاتلة، وتدرك أن دول الخليج هي الحكم الوحيد القادر، حتى لو بدت للبعض خصما لا يمكن المراهنة عليه، أو الوثوق به. **رئيس تحرير شبكة إرم الإخبارية
سأعيش في جلباب أخي
**تاج الدين عبد الحق
مضى عقدان على
غياب أخي ومعلمي بدر عبد الحق. ِعقدٌ غفا فيه عقله، عندما لم يعد يحتمل الزيف والانتهازية، وعقدٌ تعب فيه قلبه، بعد أن أنهكه المرض وهده الزمن.
قبل الغياب الأخير بثلاث عقود، كان بدر قد ترك أبوظبي، بعد أن عمل في صحافتها الناشئة سنوات قليلة، كانت كفيلة بحفر اسمه في تاريخها كعلم من أعلامها، وفارسا من فرسانها.
كان الأدب هو البوابة التي عبر منها إلى الصحافة، حيث كان قد أصدر قبل انضمامه لأول جريدة يومية خاصة بالامارات مجموعة قصصية مشتركة ، تشكل اليوم جزءا من تاريخ القص
ة القصيرة في الاردن .
عندما التحقت به في أبوظبي أول مرة في بداية السبعينات، كان بدر رحمه الله ملء السمع والبصر، عرفني الناس، وتعرفوا علي عندما بدأت حياتي الصحفية شقيقا لبدر.
كان الأمر محبطا لشاب يطمح أن يؤكد ذاته، ويبني شخصيته المستقلة. فدفعني غروري، ورغبتي في ذات غير تابعة، ولا موسومة، أن أعمل في صحيفة أخرى، غير تلك التي
كان شقيقي الراحل يعمل بها، لكن ظله وحضوره، كان طاغيا، لا في تلك الصحيفة فقط، بل في كل مراحل حياتي التالية، إذ ظل في معظم الأحيان بطاقتي التعريفية، بالرغم من تعدد الدروب، واختلاف المسالك. وتغير الأماكن، واستمر هذا الحضور حتى بعد ثماني سنوات على وفاته.
أسوق هذه المقدمة، أو هذا الاعتراف المتأخر، استباقا لكل من يرى في شهادتي، تزكية مجروحة، لمن قاسمته بطنا واحدة، وغربة واحدة، ومهنة واحدة.
فالذين عرفوا بدر
اً، عن قرب وعايشوا تجربته الصحفية، يعرفون أكثر من غيرهم، أنه كان من بين قلائل، لم يأخذوا من المهنة بقدر ما أعطوها. عاش في بلاط صاحبة الجلالة سنوات، كسفير فوق العادة للمحرومين، والمقهورين. نذر نفسه للدفاع عن قضايا وطنه وأمته. كان يغرد دائما خارج سرب الواقعيين، لا تنكرا للواقع أو هربا منه، بل لإن الواقعية في زمن الهزيمة، كانت تعبيرا عن الخيانة، وتجسيدا لها.
قبل بمغارم المهنة، ومتاعبها، ودفع مختارا، وعن طيب خاطر ضريبة لها، دون أن ينتظر مغانهما، أو يتمتع بسلطانها.عندما ترك أبوظبي في عام 1977، لم يكن يملك ثمن التذكرة التي يعود بها من حيث أتى.
في السنوات القليلة التي قضاها متنقلا بين الصحف القليلة التي كانت تصدر في ذلك الوقت، أو مراسلا لبعض الصحف العربية التي كانت تصدر في المهجر، لم يكُّوّن ثروة لكنه بنى اسما لامعا فتح
له أبواب الصحافة الاردنية، التي تلقفته واحتفت به، كإضافة هامة لتاريخها، وعلما مهما من أعلامها.
في تجربته الطويلة مع الصحافة الاردنية، ظل شاهد عيان يراقب، ويتابع كل ماهو زائف، ويكشف كل ما هو باطل، إلى أن وقع شهيدا، حين جفت ينابيع عطائه، وذبلت زهرة عمره.
عندما توفي رحمه الله في مثل هذه الأيام من عام 2007، كنت في ألمانيا، برفقة وفد إماراتي يرأسه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات، ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، وكان ضمن الوفد الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الاماراتي، لم أكن أظن
أن الشيخ عبد الله، يعرف بدرا، وفوجئت به يترك الوفد ليتجه نحوي معزيا بعبارات تقدير، أنوء بحمل جميلها، وطيب معناها، إلى الآن.
أحسست عندها أن هذه اللفتة لم تكن تقديرا لي بقدر ما كانت تقديرا لبدر الذي ظل رغم هذه السنوات الطوال في ذاكرة أشخاص لم يعاصروه ولم يعايشوه. أدركت يومها كم كنت مخطئا وأنا أحاول الخروج من جلباب أخي الذي كان قادرا بعد كل هذه السنين، أن يمنحني الدفء، كلما ورد ذكره، وحيثما استعيدت سيرته.
اليوم عندما تمر الذكرى الثام
نة لرحيل بدر، لا أتذكره كشقيق أو صديق، بل كقيمة إنسانية، و مهنية، أكدت التيمة التي طالما استعملها في كتاباته ومقالاته وكتبه، وهي أن الزبد يذهب جفاء وأن ما ينفع الناس هو ما يمكث في الأرض وما تتذكره الأجيال جيلا بعد جيل
.**رئيس تحرير شبكة
إرم الاخبارية